روائع مختارة | روضة الدعاة | الدعاة.. أئمة وأعلام | سلطان العلماء.. العز بن عبد السلام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > الدعاة.. أئمة وأعلام > سلطان العلماء.. العز بن عبد السلام


  سلطان العلماء.. العز بن عبد السلام
     عدد مرات المشاهدة: 3871        عدد مرات الإرسال: 0

 حديثنا اليوم يا أبنائي عن أحد عظماء الإسلام.. إنه الإمام المجاهد و العالم الجليل؛ بل هو سلطان العلماء كما لقبه بذلك تلميذه ابن دقيق العيد رحمه الله.  

إنه الإمام العلامة عز الدين بن عبد العزيز بن عبد السلام، الذي ولد في دمشق سنة 578 هـ وكانت دمشق تزخر بالثقافة والمعرفة، وتزدهر بالفنون والآداب وتزدحم بالعلماء والفقهاء.

نشأ العز بن عبد السلام في هذه المدينة العريقة، وكان يحب العلم منذ صغره ويتمنى لو يتفرغ لطلبه لكنه عاش في أسرة فقيرة.

فلم يقدر أن يطلب العلم وانصرف عنه بمزاولة العمل؛ ليحصل النفقة التي يسد بها حاجته وحاجة أسرته.. لكن إصراره على طلب العلم لم ينقطع، فلم ييأس أبدا! 

بدأ العز بن عبد السلام رحلته في طلب العلم وهو في سن إحدى والخمسين عاما من عمره، وجلس في حلقات العلماء.

وانكب على دراسة العلم؛ ليتفوق خلال سنوات قليلة على كل علماء عصره، وليضرب لنا مثلا رائعا في الهمة العالية والجد والمثابرة!

قال عنه الإمام الذهبي رحمه الله: "بلغ العز بن عبد السلام رتبة الاجتهاد، وانتهت إليه رئاسة المذهب".

وقال عنه الإمام السيوطي رحمه الله: "هو شيخ الإسلام، وسلطان العلماء". 

استطاع أن يترك لنا تراثا كبيرا من المؤلفات النافعة، من أشهرها كتاب الإلمام في أدلة الأحكام، وترغيب أهل الإسلام في سكنى الشام، وكتاب القواعد الكبرى في فروع الشافعية.

وكتاب شجرة المعارف، وكتاب عقائد الشيخ عز الدين، وغيرها كثير. وقد كتب في التفسير وعلوم القرآن والحديث والسيرة النبوية، وعلم التوحيد، والفقه وأصوله والفتوى. 

 كان العز بن عبد السلام طفلا صغيرا لا يزيد عمره عن خمس سنوات حين استطاع البطل صلاح الدين الأيوبي تحرير بيت المقدس من أيدي الصليبيين في معركة حطين سنة 583 هـ.

ولكن بعد وفاة صلاح الدين الأيوبي ضعفت الدولة الأيوبية، وأصبح الإخوة وأبناء العمومة من بني أيوب يقاتل بعضهم بعضا تنافسا على الحكم، حتى لجأ بعضهم إلى الصليبيين يستقوي به على قتال أخيه أو ابن عمه!

وكان الملك الصالح إسماعيل يحكم الشام، والملك نجم الدين أيوب يحكم مصر وكلاهما من الأيوبيين.

فتحالف الملك الصالح إسماعيل مع الصليبيين؛ لمقاتلة السلطان نجم الدين أيوب وسلم لهم مدينة صيدا مقابل أن يعينوه على ذلك! 

 تولى العز بن عبد السلام إذ ذاك التدريس والخطابة بالجامع الأموي بدمشق، و كان يتميز بالشجاعة في قول الحق والإنكار على السلطان علنا دون خوف ولا وجل! 

وفي خطبة الجمعة بالجامع الأموي صعد العز على المنبر في حضور الملك الصالح إسماعيل وتكلم بالحق، وأنكر على الملك الصالح تحالفه مع الصليبيين.

وصرح بأنها خيانة للمسلمين ونزل من على المنبر دون أن يدعو للملك في هذه الخطبة؛ مما أثار غضبه وأمر بإبعاده عن الخطابة وسجنه وتحت ضغط الناس والتلاميذ أخرجه من السجن، ولكنه أصر على إبعاده عن الخطابة. 

وبعد هذه الأحداث تقرر اجتماع خطير بين الملك الصالح وزعماء النصارى الصليبيين بعيدا عن الشام وقريبا من بيت المقدس، فلحق العز بن عبد السلام بهم لينكر عليهم فغضب الملك من موقفه فقرر أن يسجن في خيمة وتشدد عليه الحراسة، فلما تساءل الصليبيون عن نبأ هذا الرجل؟!

قال لهم الملك الصالح متفاخرا بما فعل: إنه أكبر علماء المسلمين يدعى العز بن عبد السلام سجنته لأنه اعترض على تحالفي معكم.

فقال زعيم الصليبيين: عجبا لكم ولجرأتكم على العلماء!!

إننا لا نجرؤ أن نفعل هذا بقساوستنا أبدا، إننا يا صديقي نغسل أرجلهم بالماء ونشربه تعظيما لهم!! 

 فشعر الملك الصالح بالخزي مما فعل بالشيخ عز الدين.

وفي هذه الأثناء هجم الجيش المصري عليهم، وهزمهم هزيمة منكرة وهزم كذلك حلفاءهم الصليبيين.

وتمكن الجنود من مساعدة العز بن عبد السلام في الخروج من السجن، و عرضوا عليه أن ينتقل للعيش في مصر فقبل ذلك، وفرح الجيش بذلك فرحا عظيما يكاد يعادل فرحتهم بالنصر!

واستقبل العز بن عبد السلام سلطان مصر نجم الدين أيوب في احتفال رائع وفرحة عارمة من جموع الشعب.

أكرمه السلطان وولاه القضاء والخطابة في جامع عمرو بن العاص. 

ورغم كل هذا لم يمنعه ذلك من قول الحق، بل اشتد إنكاره على السلطان في مصر وعلى من جاء بعده من المماليك.. وله في ذلك مواقف عظيمة نحكيها لكم في المرة القادمة بعون الله تعالى.

الكاتب: سارة حجاج

المصدر: موقع لها أون لاين